top of page

هندسة الإنسانية: العمارة والصحة النفسية للإنسان

  • صورة الكاتب: Raghad
    Raghad
  • 7 أكتوبر 2021
  • 2 دقيقة قراءة


ما الذي يسببه لنا العيش في بيت له نوافذ كنوافذ السجن؟ هل يؤثر تصميم منشأة ما على نفسية

وسلوك ساكنيها؟

ولماذا يصف الأشخاص بعض المباني بأنها "تُضيّق الصدر" وإن كانت جميلة من الخارج؟

إن أكثر المباني جمالًا وأغناها زخرفةً تكون عديمة المنفعة إن لم تحقق الغرض منها وجعلت ساكنها يعاني فيها نفسيًا وجسديًا. وكمواطنين في المجتمع الحديث فإننا نقضي أغلب وقتنا داخل المنزل، لذلك وجب تصميم المباني بحيث تمثل ملاذًا آمنًا ومكانًا مريحًا مناسبًا للعمل في نفس الوقت.


ومن الجهود التي يبذلها المعماريون لتحقيق التصميم الأمثل نشأ مفهوم العمارة النفسية في ستينيات القرن الماضي بصفته تعاونًا بين علماء النفس والمهندسين المعماريين آنذاك.

إن العمارة قامت منذ الأزل على تحقيق غاية واحدة بجانب توفير المأوى للإنسان، وهي تصميم مباني توفر الاحتياجات النفسية والمادية للمستخدمين بجانب إضفاء العنصر الجمالي مما يؤثر إيجابيًا على ساكني المكان فتزيد إنتاجيتهم وفرص نجاحهم.

وبنفس الطريقة إذا صُممت المنشأة بشكل سيء فهذا يؤثر سلبًا على المستخدم.

ree
Together Hostel by Cao Pu Studio. BEIJING, CHINA. Photographer: Zhang Zheming.

ree
Together Hostel by Cao Pu Studio. BEIJING, CHINA. Photographer: Zhang Zheming.


التأثير السلبي على المستخدمين نتيجة التصميم الخاطئ.


التصميم السيء للفراغات الداخلية، سوء التهوية، الإضاءة المنخفضة، الممرات الطويلة، الغرف الضيقة والألوان القاتمة كلها عوامل تسبب الكآبة للساكنين وتؤثر سلبًا عليهم.

لهذا أدخلت منظمة الصحة العالمية مايدعى ب"متلازمة مرض المبنى" Sick building syndrome .

-اختصارًَا SBS- إلى قائمة الأمراض.

واعترفت به كمرض متميز له أعراضه وخصائصه وطرق علاجه أيضا.

مجموعة الأعراض المرضيَّة التي يتسبب بها المسكن السيء للساكنين تتمثل في الصداع والغثيان وتهيج الحلق وجفاف الأعين وغيرها.

تكرر ذكر هذه المتلازمة من قبل الساكنين في الأبنية ذات الطراز القاسي post-war brutalist style وشكاويهم من عدم وجود كمية كافية من الهواء النقي والكآبة الناشئة من المنظر الكئيب للخرسانة الرمادية.

الجدير بالذكر أن تلك الأعراض تختفي حالما ينتقل الفرد من بيئته الحالية إلى مسكن آخر أفضل حالًا.



محاور التصميم الجيد.


في ظل حركة العمارة النفسية طرحت الجمعية الأمريكية للمعماريين AIA عدة محاور هامة عند تصميم أي فراغ. ومن ضمنها:

  • الأمان.

  • تعزيز الترابط الاجتماعي.

  • سهولة الحركة.

  • التحفيز الحسي sensory stimulation.


أمثلة تطبيقية:


1. مكتبة رينتون Renton Library:


من المعروف أنه عند تصميم الفراغات يجب مراعاة كمية الضوء الطبيعي الداخلة للمبنى فهو عامل مهم في ارتياح المستخدمين، كذلك إدخال النباتات في المشهد واختيار المواد المناسبة للتصميم.


أذكرُ كمثال مكتبة رينتون العامة في واشنطن، حيث تطل على ضفاف نهر سيدار بنوافذها الزجاجية الكبيرة، وبذلك حققت التداخل الفعال فيما بين الداخل والخارج.

ree


2. مستشفى مرضى السل لألفار آلتو.


نأخذ الضوء الطبيعي كمثال، فهو يساعد مرضى المستشفيات على التعافي سريعًا، فضلًا عن كونه عامل هام في تنظيم الساعة البيولوجية للإنسان عن طريق تنظيم إنتاج هرمون الميلاتونين melatonin مما يؤثر على أنماط النوم وعملية الهضم.

كذلك يساعد الضوء المرئي على تحفيز إنتاج الجسم للناقل العصبي السيروتونين[1] وبالتالي يقلل من احتمالية إصابة الأفراد بالإكتئاب.

أخذ المعماري ألفار آلتو أهمية هذا الأمر في الاعتبار عند تصميمه لمستشفى paimio sanatorium لمرضى السل وقتها. لاقى المبنى إعجابًا كثيرًا منذ إكماله عام 1933م كونه يمثل بداية مفهوم الحداثة.




في نهاية المطاف، للعمارة دور هام في التأثير على نفسية المستخدمين وتحسين سلوكياتهم وأمزجتهم. إذ أصبح من الأهمية بمكان أخذ الاحتياجات النفسية والجسدية في الاعتبار أثناء عملية التصميم. وهو أمرٌ يحقق إنتاجية أكبر في منشآت العمل والشركات، والتعافي السريع في منشآت الرعاية الصحية كما رأينا سابقًا.

بالنسبة لتخطيط المدن وأثره على المجتمع فسأناقشه بشكل مسهب في مقال آخر.




[1] السيروتونين serotonin: ناقل عصبي يعمل كمثبت للمزاج ومحسَّن له ويرتبط اختلال توازنه لدى الفرد بالإصابة بالإكتئاب.








تعليقات


Post: Blog2_Post
bottom of page