top of page

العلاقة بين الإنسان والعمران

  • صورة الكاتب: Raghad
    Raghad
  • 7 أكتوبر 2021
  • 2 دقيقة قراءة

«المباني هدمت في لندن، وأغلب مدن بريطانيا عانت من ويلات الحرب، وكذلك الإنسان، فهو مهدوم رغم الانتصار في نهاية المعركة، مهدوم اجتماعيًا وصحيًا وربما معنويًا، فبماذا نبدأ البناء: الإنسان أم المباني؟».


إبان الحرب العالمية الثانية 1943، أجاب رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل عن هذا السؤال بالحرف الواحد:

«حينما نعيد تشكيل محيطنا نعيد بالأحرى تشكيل أنفسنا».
"We shape our buildings; thereafter, they shape us.”

1. لماذا العمارة؟


في مقدمة كتاب عناصر التصميم المعماري لإرنست بوردين يقول الدكتور علي باهمام أن المباني متصلة بنسيج الحياة الاقتصادي والاجتماعي والديني والسياسي. ويصعب تخيل حياة الإنسان دون تكوين يحتويه، فقد اعتدنا على التفكير بالمبنى كمأوى، مسكن ومكتب أو متجر نعمل فيه. فالإحساس بالالتجاء أمر غريزي في البشر.

لذلك من الضرورة بمكان أن نبني لنحقق ذلك الإحساس.


في المقولة السابقة عبَّر تشرتشل عن قناعته بالعلاقة المتبادلة بين الإنسان والمسكن، إذ أن للعمارة تأثير قويٌ لا يستهان به علينا كأفراد، فهي تؤثر على سلوكنا وأمزجتنا، من خلال عناصرها كالمقياس، الإضاءة، الألوان والمواد. فجميعها تخاطب حواس الفرد وتولِّد فيه هذا الإحساس أو ذاك.

ومن هنا ظهر علم النفس البيئي حيث يعبر عن التفاعل بين الناس والأماكن التي يعيشون فيها.


يقول الدكتور سيرجيو ألتومونتي، مهندس معماري وأستاذ في قسم العمارة والبيئة العمرانية في جامعة نوتنغهام: "باتت أهمية العمارة كمحفز للرفاهية الجسدية والنفسية في الوقت الحاضر موضوعًا ذا أهمية كبيرة"


فالعمارة في جوهرها هي علم يدرس المقاييس والنسب وما لها من تأثير على تصرفات الإنسان وسلوكه وكيفية تفاعله معها بالقدر الذي يحقق استفادته التامة من المبنى.


ree
Robin Hood Gardens, London.



2. تأثير العمارة على سلوك الإنسان.


تقوم العمارة على هدف تحسين حياة الإنسان وطريقة معيشته بطرق قد لا تشعر بها.

ومن هذه الطرق:


• التقطيعات الداخلية والممرات والدهاليز:


هذه دون غيرها قد تحفز أو تحد من التفاعلات الاجتماعية بين الأشخاص.

التصميم بشكل عام يخلق تفاعلات مختلفة بينه وبين مستخدمي الفراغ، فتجد الممرات ومسارات الحركة تحفز أو تقلل الاتصال بين المستخدمين، حيث يحاول المصمم تحديد مسار وهمي يسلكه المستخدم لذلك تجده يضع عنصرًا هنا -أو كتلة- وآخر هناك.



يجسد مقعد كامدن Camden Bench الذي ينتشر على شوارع لندن، مثالًا جيِّدًا على كيف يمكن للتصميم أن يؤثر على السلوك.

حوافه المموّجة وبروزه في الجانب العلوي يمنع من النوم أو التزحلق عليه. كذلك لا يمكنك الكتابة والخربشة عليه لوجود غلاف خارجي يمنع من ذلك. ووجود تجويف في القاعدة يمنع من سرقة أكياس الجالسين عليه، ولا توجد به أسطح مستوية لمنع تراكم القمامة. إن هذا الكرسي مثال لما يسمى بالعمارة العدائية hostile architecture. فهي تهدف إلى التحكم بالسلوكيات ومنع غير المرغوب منها.



ree
ree


3.التأثير السلبي للعمارة على سلوك الإنسان.


التصميم السيء ليس بالضرورة أن يجعلك شخصًا سيئًا لكنه قد يؤثر على حياتك وسلوكياتك بشكل أو بآخر.

هناك مئات الأمثلة للتصاميم السيئة التي لاقت معارضة الجماهير وتم هدمها، ومنها مشاريع الإسكان الجماعي التي تحشر الناس في صناديق مغلقة وبيئات منغلقة مصممة بشكل سيء لا يصل الضوء الطبيعي إليها دون ذكر عدم حصولها على القدر الكافي من التهوية.

ree
Robin Hood Gardens, London. © Ciro Miguel.

4.العمارة والجمال.


في كتابه "عمارة السعادة" يناقش الكاتب آلان دو بوتون مسألة الحرمان الحسي وأثره على الفرد.

كذلك يشدد على أن الإيمان بأهمية العمارة يقوم على فكرة أننا أشخاص مختلفون في أماكن مختلفة. وعلى الإقتناع بأن وظيفة العمارة ليس بتوفير المأوى فحسب وإنما إخراج أفضل مافينا كأفراد.

تجدون مراجعة شاملة للكتاب في هذه المقالة.




ولأن العمارة عمل الإنسان للإنسان فإن المتخصصين في الهندسة المعمارية يسعون منذ الأزل لمحاولة تحسين حياة البشر عن طريق تحسين الحيز الداخلي الذي يعيشون فيه. فالمبنى ليس بشكلياته وملامحه، وإنما كيف يجعلنا نشعر بداخله.

وبالتالي فإن مسؤولية المصمم هي صياغة حلول ملموسة للمستخدمين ودمج الأفكار في مخطط الهيكل.


ree
Louis Kahn at work.






•المراجع:









تعليقات


Post: Blog2_Post
bottom of page