top of page

العمارة التفكيكية: التكسير واللاتماثل واللااتساق

  • صورة الكاتب: Raghad
    Raghad
  • 27 مايو 2022
  • 2 دقيقة قراءة

مقدمة


العمارة التفكيكية Deconstruction Architecture ليست مجرد حركة معمارية أو إحدى اتجاهات مدرسة ما بعد الحداثة وإنما ظاهرة ثقافية كبرى ومن أهم التطورات الحديثة في الفن في القرن الماضي.

ظهر مصطلح العمارة التفكيكية أو التكسيرية في أوائل ثمانينات القرن الماضي على يد المفكر والفنان الفرنسي جاك دريدا، الفكرة التي بدأها دريدا في العمارة ظهرت منذ عقود من خلال جماعات المعارضة السياسية في روسيا وظهرت في أعمال فنية تجريدية قبل وضعها في بوتقة معمارية. تألق نجم التفكيكية كحركة في نهايات ثمانينات القرن العشرين إبان غليان الشعور الثوري في العالم الذي دعا إلى التملص من الماضي الرأسمالي والتجسُّد بأشكال إنشائية جديدة لا تمت بصلة إلى الماضي, إذ أن التفكيكية الفنية والمعمارية على حد سواء اتفقتا على مرتكزات ثقافية موحدة; تتمثل في الثورة على التراث والتخلص من قيم البرجوازية [1], ومعاداة الكلاسيكية. فهي حملت طباع الجيل الجديد من الشبان ذوي النفوس الصاخبة المليئة بالثورة, والساخطين على الأوضاع السياسية والاقتصادية في بلادهم.


ما الذي تعنيه فلسفة التفكيك في العمارة؟

فلسفة التفكيك في العمارة تعني تجريد الأشكال الهندسية الأساسية، وتشكيلها معًا بطريقة لا إقليديسية [2] وذلك للتعبير عن أفكار ثقافية أو نقدية معينة. ومن هذا نرى أن أعمال المعماريين التفكيكيين تتجاهل رغبات السكان ولا تهتم باحتياجاتهم الإنسانية بقدر اهتمامها بتحقيق رؤية فكرية متمثلة في التكوين الفراغي الداخلي أو أشكال الواجهات الخارجية التي قد تكون غير مريحة أو مناسبة لساكن المبنى.



مكتبة في قلب مدينة سياتل بالولايات المتحدة الأمريكية، صممها المعماري ريم كولاس.
مكتبة في قلب مدينة سياتل بالولايات المتحدة الأمريكية، صممها المعماري ريم كولاس.


أهم مبادئ العمارة التّفكيكيّة

  • التّباين بين المبنى وشكل الأرض المُقام عليها.

  • هدم الأسس الهندسية التقليدية.

  • تدعو إلى تفكيك المنشآت إلى أجزاء.

  • تعمل على الاستخدام الأمثل لتكنولوجيا العصر.








من المعلوم أن الشكل الخارجي للمبنى يؤثر على التشكيل الفراغي الداخلي، فيُنتج مساحات جلوس غير مريحة وقد تكون مؤذية لنفسية الانسان.. ولهذا تعرضت التفكيكية للنقد على أنها عمارة استعراضية وليست صالحة للمعيشة والاستخدام.


ree
Denver Art Museum, Colorado. متحف دينفر للفنون, ولاية كولورادو، الولايات المتحدة الأمريكية

أهم رواد المدرسة التفكيكية هم بيتر ايزنمان, فرانك جيري, غونتر بينش, برنارد تشومي، ريم كولاس، وزها حديد.


ree
معهد MIT ماساتشوسيتس للتكنولوجيا. شارك فيه المعماري فرانك جيري. وهو عبارة عن مستطيلات بها تكسيرات حادة غريبة الشكل.


في انتقادها لمبنى جامعة UTS -وهو أول مشروع لفرانك في سيدني- كتبت اليزابيث فاريلي Elezabeth Farrelly، ناقدة معمارية في جريدة Sydney Morning Herald : "فرانك جيري هو كيم كارداشيان في العمارة الحديثة: عبارة عن منحنيات بلا مضمون” وهذا التعليق جاء بعد وصفها للمبنى بالكيس الورقي، فهي تجد أن العمارة قد انحدر مستواها في عصرنا هذا وتحولت إلى شكل من أشكال المُزايدات التجارية والإعلامية (كما أوضحت في المقالة السابقة) . وتقول عن رأيها: "أنا أؤمن أن هنالك في الحياة أكثر من القوى التسويقية الجامحة، وفي العمارة أمور أهم من المُنحنيات السّيئة التي يمكن لبرامجك أن تتقيأها”..

ree

إن العمارة التفكيكية بأشكالها الغريبة تثير شغف الطلبة وتغريهم بمنحنياتها, ولكن الرأي الأكاديمي يتجه غالبًا إلى رفضها لأنها لا تلائم الثقافة العربية المتمسكة بالتراث، والتحفظ الاجتماعي في مسألة الخصوصية.

ولكن هل من الممكن, في الأجيال القادمة المفعمة بالأفكار والتطلعات, أن نرى عمارة جديدة تنتهج مبدأ التكسير أو التفكيك في البناء فتأخذ من العمارة الاسلامية والعربية وتدمج القديم في الحديث؟



[1] البرجوازية هي طبقة اجتماعية تمتلك رؤوس الأموال والحرف، كما تمتلك كذلك القدرة على الإنتاج والسيطرة على المجتمع ومؤسسات الدولة للمحافظة على امتيازاتها ومكانتها بحسب نظرية كارل ماركس.

[2] نسبة إلى إقليدس عالم الرياضيات، ونظرياته في الهندسة والفراغات.




تعليقات


Post: Blog2_Post
bottom of page